العمدة عتمان..ضرب في اليمن.. والمرض والحرب أفقداه أبنائه.. وأوصي أسرته بعدم البكاء.. محطات فى حياة صلاح منصور

 نبذة مختصرة عن الفنان صلاح منصور

طوال حياته لا يعرف شيئاً اسمه الأداء المتوسط أو التمثيل بدرجة مقبول.. أنه الفنان صلاح منصور.

لذلك قال عنه زكي طليمات “إنه ضمير المسرح المصري وصحوته”، حيث كان يعتقد أن من واجب الفنان الحقيقي تقديم الأعمال الأدبية الصعبة باللغة العربية الفصحى في قالب بسيط. 

كما قال عنه الممثل البريطاني الشهير تشارلز لوتون عندما عرض الفيلم في لندن عام 1962، بعدما صافحه: "لو أن هذا الممثل الموهوب موجود عالميًا لكنت أسلمت له الشعلة من بعدي»،

 تألق الفنان صلاح منصور في تجسيد الأدوار الدرامية والتراجيدية، خاصة تلك الأدوار ذات الطابع الشرير.

لكنه خلف الكاميرا، كان يمتلك روح من الدعابة والكوميديا، قال عنها “شكري سرحان”: “كان من الممكن أن يكون عظيمًا في الكوميديا، لو اتجه لها، فكنا وقتها سنكسب فنانا كوميديًا من أعظم ما يكون”. 

 وفي هذا المقال سنتعرف أكثر عن مواقف ومحطات في حياة “العمدة عتمان” الفنان صلاح منصور. 

مولد ونشأة الفنان صلاح منصور 

ولد الفنان صلاح منصور يوم 17 مارس 1923 فى مركز شبين القناطر بمحافظة القليوبية. 

كانت بداية تجاربه التمثيلية من خلال المسرح المدرسي عام 1938 في المرحلة الثانوية. 

بداية الفنان صلاح منصور الفنية

بدأت مسيرة الفنان صلاح منصور حين تخرج في معهد التمثيل عام 1947 مع فريد شوقي وشكري سرحان .

ولكن قبل ذلك عمل كمحررا في روز اليوسف عام 1940، وكان عمره لا يتعدى 17 عامًا وكان أول حوارته مع الفنانة أسمهان.

إتجاهه إلي المسرح

كون الفنان صلاح منصور مع زملاء دفعته من معهد التمثيل “فرقة المسرح الحر” عام 1954. 

وقد اشترك في العديد من المسرحيات منها “الناس اللي تحت” ، “ملك الشحاتين”، ” برعي بعد التحسينات”، “زقاق المدق”، “يا طالع الشجرة”، “رومولوس العظيم” ، “زيارة السيدة العجوز”.

وأخرج للمسرح الكثير من المسرحيات منها  “عبد السلام أفندي”، “بين القصرين”. 

وكانت آخر مسرحياته في المسرح الجديد “واحد مش من هنا” مع وحيد سيف وثريا حلمي عام 1978. 

أهم أعمال صلاح منصور السينمائية 

دخل الفنان صلاح منصور عالم السينما وهو لا يزال طالبًا بالمعهد، حيث شارك في فيلم “زهرة” عام 1947 مع بهيجة حافظ. 

وبعد التخرج عاود الظهور في بعض الأدوار الصغيرة ككومبارس ببعض الأفلام، منها فيلم “المليونير” حيث ظهر في استعراض المجانين مع إسماعيل يس.

كما أدى دور صاحب التياترو في فيلم “في الهوا سوا”، ودور الشرير أمام ليلى مراد في فيلم “شاطئ الغرام”. 

استطاع صلاح منصور أن يثبت في الستينات موهبته المتفردة وقدراته الفنية العالية، ومن أهم أفلامه "لن أعترف"، "الشيطان الصغير"، وقد حصل في هذين الفيلمين على جائزة التمثيل نتيجة لتميزه في أداء أدوار الشر، وفيلم "مع الذكريات"، وراء الشمس ، ثمن الحرية ، شئ في صدري ، بداية ونهاية ، العيب ، شفيقة القبطية .

وتوالت أعماله السينمائية حتي وصلت لـ 60 فيلمًا،

و اختير 6 أفلام منها ضمن أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما المصرية.

هي :”بداية ونهاية ، البوسطجي، الزوجة الثانية ،العصفور ، المستحيل ، قنديل أم هاشم” . 

وكانت أخر أفلامه “ابن مين في المجتمع” عام 1979 مع محمد ثروت ومني جبر وهدي سلطان. 

أهم أعماله التلفزيونية 

قدم الفنان صلاح منصور العديد من المسلسلات الدرامية ومنها أحلام الفتي الطائر، على هامش السيرة، طيور بلا أجنحة، أفواه وأرانب،الضباب وغيرها. 

أهم الأعمال الأذاعية 

كان للإذاعة نصيب كبير من إبداع الفنان صلاح منصور فكان أحد نجومها البارزين ومن أدواره التي لا تنسى.

“ضبوش العكر” في مسلسل “عوف الأصيل”، و”الأمير زياد” في مسلسل “رابعة شهيدة الحب الآلهي”. 

الزوجة الثانية أهم أعماله

من أهم أفلام الفنان صلاح منصور فيلم  “الزوجة الثانية” مع سعاد حسني وسناء جميل وسهير المرشدي وشكري سرحان جيث جسد فيه دور “العمدة عتمان” لتظل تلك الشخصية الأشهر في مسيرته الفنية .

ويقال أنه لم يكن المرشح الأول لدور العمدة بل كان فارس السينما  الفنان أحمد مظهر . 

ثورة اليمن كادت أن تودي بحياته

يذكر أن الفنان صلاح منصور شارك في فيلم ثورة اليمن عام 1966 والذى صور بعد ثورة اليمن.

واثناء تصوير بعض المشاهد فى شوارع اليمن تكالب عليه الجماهير الثورية بالضرب لتجسيده شخصية الامام المخلوع احمد بن يحيى لدرجة انهم حاولوا قتله ولم ينقذه سوى الامن اليمنى . 

جوائز و أوسمة

حصل الفنان صلاح منصور على عدد من الجوائز، كانت أولها جائزة أحسن ممثل مصري إذاعي في مسابقة أجرتها إذاعة صوت العرب عام 1954.

وحصل أيضا عام 1963 على جائزة السينما عن دورة في فيلم ” لن أعترف”. 

وفي عام 1964 حصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى وكذلك جائزة الدولة التقديرية من أكاديمية الفنون في أكتوبر 1968.

وقد شغل الفنان صلاح منصور منصب مستشار في إدارة التربية المسرحية بوزارة التربية والتعليم حتى وفاته. 

حياة صلاح منصور الشخصية

 اشتهر الفنان صلاح منصور على الشاشة بدور الشرير متعدد العلاقات النسائية، لكنه لم يكن كذلك في الحقيقة ، فقد تزوج لمرة واحدة فقط أحب خلالها زوجته بإخلاص شديد حتى رحيله.

و تم الزواج في 9 أكتوبر عام 1950، واستمر ما يقرب من 30 عامًا. 

صورة من زفاف الفنان صلاح منصور

المرض والحرب افقداه ابنائه 

فقد الفنان صلاح منصور اثنين من ابنائه فالأول استشهد في حرب أكتوبر 1973، ولكنه استقبل خبر وفاته بثبات شديد وكانت ردة فعله غير متوقعة.

حيث انه وزع الحلوي والشربات علي الجيران والمارة في الشارع، وعانق الرئيس السادات وبكي في حضنه وتبرع بمكافأة ابنه الشهيد للجيش المصري . 

وبعد سنوات قليلة فقد ابنه الأصغر هشام والذي أصيب بضمور في أعضائه واستدعت حالته جراحة عاجلة ببريطانيا، وكانت ستتكلف مبالغ مادية.

وسافر الأب والولد على نفقة الدولة لإجراء الجراحة، ومكث لفترة طويلة واستدعت الحالة الصحية تجديد فترة الإقامة. 

لكن الروتين الحكومي وقف حائلا وتزامن ذلك مع زيارة السادات لبريطانيا، فذهب الفنان صلاح منصور للقائه في السفارة.

وطلب منه مد فترة علاج ابنه، وهو ما وافق عليه السادات بعدما أحرجه قائلًا: “عندما يبرح الرئيس المكان ويتحرك الموكب الرسمي.. لا أحد يعرف أحدًا”. 

ولكن ابنه توفي بعد إجراء العملية، وهاجمت الأمراص الفنان صلاح منصور لكنه لم يبتعد عن الفن حتى رحيله.

صلاح منصور و نجله المتوفي

وقدم عدة أعمال خلال تلك الفترة التي استمرت ثلاث سنوات، وحاول التغلب على مرضه وأحزانه بالتمثيل .

أعتذر عن آخر عمل مسرحي

استمر الفنان صلاح منصور في تقديم الأعمال الفنية المتنوعة حتي أخر أيامه وكان يستعد لبطولة مسرحية “بكالوريوس فى حكم الشعوب” أمام نور الشريف سنة 1978، وبالفعل أجرى بروفات لمدة شهرين.

لكنه شعر أن صحته لن تجعله يعطي الدور حقه من الإجادة والإتقان، كما اعتاد طوال عمره، فاعتذر عن تقديم الدور. 

وكانت تلك المرة الأولى التي يعتذر فيها عن أداء دور بعد الموافقة عليه وإجراء البروفات

ثم رشح الفنان الشاب حينها – يحيى الفخراني- لأداء دوره.

وفاة الفنان صلاح منصور 

كانت آخر كلمات الفنان صلاح منصور لأسرته الذين التفوا حول سريره الذي رقد فيه بمستشفى العجوزة:”لا تبكوا، فقد عشت عمري وأنا أكره أن أرى الدموع في عيونكم، ولن أحبها بعد موتى”.

ليرحل بعدها في يوم الجمعة 19 يناير عام 1979 عن عمر يناهز الـ 56 عامًا، بعد معاناة مع مرض سرطان الرئة وتلف الكبد. 

وبعد وفاته تقدمت أرملة الفنان الراحل بطلب للرئيس السادات لصرف معاش استثنائي فوافق السادات على طلبها، تقديرا لما قدمه صلاح منصور لمصر وللفن.

فقد ترك لنا هذا العملاق بعد رحيله ما يقرب من 200 عمل فني بالمسرح والسينما والتليفزيون والإذاعة وشارك في تمثيل عشرات الأعمال من الأدب العالمي .