لماذا نرى الفضاء مظلماً رغم وجود الشمس ولا تضئ الشمس الفضاء كما تضئ الأرض
عند البحث عن صور للفضاء الخارجى نجده أسود معتم ولا نعرف السبب وراء هذا الظلام الدامس فى الفضاء الخارجى ، فى حين أننا نتمتع على سطح الأرض بالشمس القريبة من كوكبنا والتى تمدنا بقدر وافر من الضوء الذى يمكننا من رؤية كل شئ حولنا بألوانه الرائعة بالنهار ويأتى الليل لكى تذهب الشمس لتضئ النصف الآخر من الكوكب .
كوكب الأرض محاط بغلاف غازى يطلق علية الغلاف الجوى ، يحتوى الغلاف الجوى على قطرات من المياة وجسيمات ترابية إلى جانب طبقات الغازات ، عندما يصطدم ضوء الشمس بهذه الجسيمات فإنها تتسبب فى إنعكاسة وإنكساره ، وتعمل أشعة الشمس المنعكسة والمنكسرة على إضاءة ما يحيط بها مما يمكننا من رؤية العالم من حولنا بألوانة المبهجة .
يسافر الضوء فى خط مستقيم حتى يصطدم بشئ ما ، والفضاء الخارجى يحتوى على بعض الغازات وعلى غبار كونى ولكنه لا يتمتع بغلاف جوى الذى يسبب تناثر الضوء ومن ثم فهو مظلم معتم ، فبمجرد أن يصطدم الضوء بجسم ما ويرتد منه فإن الغلاف الجوى هو ما يسمح برؤية الألوان فى الطيف المرئى .
على الرغم من وجود النجوم أيضاً فى الفضاء إلا أنه لا يزال مظلماً لأن الكون يتمدد وتبعد النجوم وتأخذ الأطوال الموجية لأضوائها فى الزيادة وكلما زاد طولها أصبح ضوئها أقل وضوحاً لنا وذلك حتى يختفى عن أنظارنا تماماً .
لماذا لا تضئ الشمس الفضاء الخارجى كما تضئ الأرض |
عندما صعد " يورى جاجارين " إلى الفضاء ، وهو أول رائد فضاء يصل إلى الفضاء الخارجى ، فوجئ بظلمة شديدة مع وجود الشمس وكافة الأجرام السماوية رغم أنه كان فى وضح النهار حتى شك أنه قد أصيب بالعمى ، فما الذى حدث وما سبب هذه الظلمة الشديدة ؟!
فى الواقع أن أشعة الشمس عندما تصل إلى الغلاف الجوى فإنها تتناثر وتنعكس أشعتها على ذرات الهواء وكل ذرة هواء تعكس بعض الأشعة على الذرات الأخريات وهذا ما يحدث فى الأرض حتى وإن غابت الشمس لبعض الوقت فإننا نرى ضوءها وتكون الأرض مضاءة أثناء النهار لوجود الهواء ، أما فى الفضاء الخارجى لا يوجد هواء وبالتالى لا يحدث إنتثار للضوء فيصبح هناك ظلام دامس وليل معتم ولا يرى فى الفضاء الخارجى سوى قرص الشمس .
يقول العلماء أن الأصل فى الفضاء الخارجى هو الظلام ، والظلمة نسبية حيث يمتلئ الفضاء بالموجات الكهرومغناطيسية التى تتحرك فى جميع الإتجاهات ويرجع سبب عدم رؤيتنا لها أنها لا ترى بالعين المجردة للإنسان ، لكن بإستخدام أجهزة الإستكشاف ترى الفضاء ملئ بالأشياء المبهرة ، وهكذا نرى أن الظلمة فى الفضاء لعدم وجود شعاع ضوئى والضوء تشعة النجوم فى الفضاء وهذه النجوم غير كافية لنشر الضوء فى جميع أنحاء الفضاء لذا نرى الفضاء مظلم مع وجود نقاط بيضاء وهى النجوم ، هذا دليل على أن ظلمة الفضاء الخارجى ظاهرية بالنسبة لأعيننا ولو استطعنا كبشر رؤية جميع أطياف الموجات الكهرومغناطيسية لرأينا شئ عجيب !!
منافذ الغلاف الجوى
قال تعالى : " وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مّنَ السّمَاءِ فَظَلّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ . لَقَالُواْ إِنّمَا سُكّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مّسْحُورُونَ "(الحجر: 14- 15) .
ويخبرنا الله تعالى فى هذه الآية قبل أن يصل الإنسان إلى الفضاء فيقول " ظلوا " أى مكثوا نهاراً لان الحديث عن الصعود للفضاء يكون نهاراً وليس ليلاً ، فلم يقل باتو يعرجون ، فالمعنى الإجمالى أنه سوف يفتح الله للإنسان باب ليصعد إلى الفضاء نهاراً ويتجاوز الغلاف الجوى ويرى الظلام الدامس ليظن أنه سكرت أبصارة ، فاليوم أثبت العلم الحديث أن المركبات الفضائية إذا أرادت أن تخترق الغلاف الجوى للأرض فلن تستطيع إلا من خلال أماكن محددة تسمى " منافذ الغلاف الجوى " وهى التى أشارت إليه الآية فى قوله " باباً " .
كما أثبت العلم الحديث أن المركبة الفضائية لكى تستطيع أن تخترق الغلاف الجوى للأرض فلابد لها أن تسير بإنحناء أى بشكل مائل هذا ما أوضحته الآيه فى قول الله تعالى " يعرج " ولم يقل يصعدون فالصعود يكون بشكل مستقيم بينما العروج يكون بشكل مائل وهذا ما يوضح قدرة وعظمة الخالق الله سبحانه وتعالى فى إبداع هذا الكون .
إعجاز القرآن الكريم
يقول خبير الأرصاد الجوية " محمد جمال الدين الفندى " فى كتابه " الله والكون " أن ضوء الشمس غير المباشر لا يمكن رؤيته إلا إذا تشتت أو إنعكس على الأجسام ، وبسبب وجود جزيئات الهواء والماء والغبار العالقة فى الهواء يتشتت ضوء الشمس فتظهر القبة الزرقاء وهذه ليست إلا ظاهرة ضوئية تتعلق بجو الأرض ولذلك فإن قلة أو ندرة تلك الجزيئات فى الفضاء خارج الغلاف الجوى للأرض ورغم وجود ضوء الشمس إلا أن الفضاء يظهر مظلماً لرواد الفضاء كالليل الدائم شديد السواد والظلمة .
ومن المدهش أن يسبق القرآن الكريم ويجعل للسماء ليلاً دائم السواد حين يقول الله تعالى : " ءَأَنتُمۡ أَشَدُّ خَلۡقًا أَمِ ٱلسَّمَآءُۚ بَنَىٰهَا (٢٧) رَفَعَ سَمۡكَهَا فَسَوَّىٰهَا (٢٨) وَأَغۡطَشَ لَيۡلَهَا وَأَخۡرَجَ ضُحَىٰهَا (٢٩) [ النازعات ] .
فالسماء وفقاً لهذا السياق تعبر عن فضاء الكون بأجمعة وليس الليل على الأرض فقط الذى يعقب غروب الشمس ونحن لا نعرف من الليل سوى الظلام ، يعنى ذلك أنه عقب عملية كنس المادة فى الفضاء وإنكماش مادة الأجرام تحت تأثير جاذبيتها بدأت الشمس فى إصدار الضوء ، ومن المدهش أن تكون بازغة على الدوام فى فضاء الكون رغم سيادة الليل شديد الظلام ليغشى كل الأجرام كلباس يكسوها من كل جانب فتبدو كنقاط لامعة فوق خلفية سوداء قاتمة .
طبقة النهار ( الغلاف الجوى ) لا يزيد سمكها عن 200 كم ورغم رقتها فهى تحجب عننا ظلام الفضاء الخارجى ، ومن المدهش أن باطن الشمس نفسها مظلم لانه يصدر إشعاعات غير مرئية مثل أشعة جاما وأشعة إكس والأشعة فوق البنفسجية وأن الغطاء الخارجى المضئ والفوتوسفير هو وحده القادر على إستشعار إشعاعات الباطن غير المرئية وإصدارها على شكل ضوء الشمس المرئى .
سبب آخر لظلمة الفضاء بالرغم من وجود الشمس والأجرام المضيئة وهو أن الفضاء عبارة عن فراغ شبه كامل أما سماء الأرض فهى تظهر زرقاء خلال النهار لأن الجزيئات التى يتكون منها الغلاف الجوى تبعثر الكثير من الأطوال الموجية الزرقاء والبنفسجية المكونة للضوء المرئى القادم من الشمس فيتشتت الضوء فى جميع الإتجاهات.
أما فى حالة عدم وجود مادة وجزيئات تبعثر الضوء في هذه الحالة ينتقل الضوء فى خط مستقيم ولا ينتشر ونظراً لأن الفضاء عبارة عن فراغ شبه كامل يحتوى على عدد قليل جداً من الجسيمات فلا يوجد شئ فى الفضاء يقوم بتبعثر الضوء فيظهر مظلماً معتماً كما نراه .
إرسال تعليق