قصة بئر زمزم التي لم تجف ماؤها منذ 5 آلاف عام
البئر الشهيرة التي تضخ الماء بمعدلات تصل في حدها الأقصى لـ 18.5 لتر في الثانية، وحدّها الأدنى 11 لتراً في الثانية، يبلغ عمقها 30 متراً فقط، ولاتزال تروي الحجاج منذ أن أذن نبي الله إبراهيم في الناس بالحج.
بئر زمزم يقع في منطقة صحراوية قاحلة في مكة ومع ذلك لم ينظب من الماء طيلة 4000 سنة .
جيولوجياً : يقع البئر على عمق 31 متر فقط و الطبقة الحاملة للمياه عبارة عن طبقة من الصخور النارية المصمتة لكن المياه تتخلل الشقوق بين هذه الصخور .
هيدرولجياً : يضخ البئر بين 11-18 لتر في الثانية بمعدل نصف مليون متر مكعب من المياه سنوياً .
جيومورفلوجياً : يقع البئر في أعمق نقطة في وادي إبراهيم و مياهه متجددة من الأمطار التي تسقط على الجبال وتتجمع في الأودية ،ويغذي البئر 3 أودية .
مياه زمزم غنية بالمعادن و البئر الشريفة نظيف دوماً حيث لا تنموا فيه الطحالب ولا تلجها الهوام أو الفطريات أو ملوثات الماء المعتادة ! فما هى قصة بئر زمزم التي لم تجف ماؤها منذ 5 آلاف عام ؟!
مترا فقط تفصل بين الكعبة المشرفة وبئر زمزم، البئر الأطول عمرا على سطح هذه الأرض، إذ يبلغ عمرها نحو 5 آلاف عام منذ أن تدفق بين قدمي إسماعيل عليه السلام وأمه هاجر زوجة النبي إبراهيم، وتشير الدراسات إلى أن الآبار لا يتجاوز عمرها 70 عاما تتدفق منها المياه، غير أن هذه البئر المقدسة عند المسلمين لا تزال حاضرة حتى وقتنا الحالي.
بئر زمزم هو بئر ماءٍ في الحرم المكي بمدينة مكة المكرمة يقع على بعد 21 مترًا شرقي الكعبة، له تاريخ قديم ويرجعه المؤرخين إلى 2000 قبل الميلاد كحد أقصى من عهد النبي إبراهيم وابنه إسماعيل ، يبلغ عُمقه 30 مترًا وتصبُّ فيه عدد من عيون الماء قديمة بقِدم البئر نفسه، وبحسب الأحاديث الواردة في سيرة النبي محمد فإن الماء مباركة وفيها شفاء للأسقام وعلى ذلك فلها خصوصية بالغة عند المسلمين.
بئر زمزم |
جاء ذكر ماء زمزم في عدّة أحاديث من سيرة النبي محمد - صلّ الله عليه وسلم - تروي أن هذا الماء المبارك نبع من الأرض بعدما نبشها المَلك جبريل بعقِبه «بجناحه» لنبي الله إسماعيل وهو صغير وأمه السيدة هاجر، وذلك حين نفد ما عندهما من ماء وزاد، فقد تركهما نبي الله إبراهيم بأمر من الله في ذلك الوادي القفر الذي لا زرع فيه ولا ماء،وجهدت هاجر وأتعبها البحث ساعية بين الصفا والمروة ناظرة في الأفق البعيد علها تجد مغيثًا يُغيثها،حتى كان مشيها بينهما سبع مرات، ثم رجعت إلى ابنها فسمعت صوتًا؛ فقالت: أسمع صوتك فأغثني إن كان عندك خير، فضرب جبريل الأرض؛ فظهر الماء، فحاضته أم إسماعيل برمل ترده خشية أن يفوتها، قبل أن تأتي بالوعاء؛ فشربت ودرت على ابنها. وقد روى البخاري هذه الواقعة مطولة جدًّا في صحيحه.
يعتبر بئر زمزم من العناصر المهمة داخل المسجد الحرام وهو أشهر بئر على وجه الأرض لمكانته الروحية المتميزة وإرتباطه في وجدان المسلمين عامة والمؤدين لشعائر الحج والعمرة خاصة، وقد أفادت الدراسات أن العيون المغذية للبئر تضخ ما بين 11 إلى 18.5 لتراً من الماء في الثانية.
قصة البئر في الرواية الإسلامية كما وردت عن النبي محمد - صلّ الله عليه وسلم - في صحيح البخاري، كتاب أحاديث الأنبياء هي أنه لما قدم النبي إبراهيم - عليه السلام - إلى مكة مع زوجته السيدة هاجر وإبنهما إسماعيل وأنزلهما موضعا قرب الكعبة التي لم تكن قائمة آنذاك ، ومن ثم تركهما وحدهما في ذلك المكان ولم يكن مع السيدة هاجر سوى قربة ماء صغيرة مصنوعة من الجلد سرعان ما نفدت وودعهما إبراهيم وغادر ولم يلتفت إلى هاجر رغم نداءاتها المتكررة لكنه أخبرها أن ما فعله هو بأمر الله فرضيت وقرت ومضى إبراهيم حتى جاوزهم مسافة وأدرك أنهم لا يبصرونه دعا ربه بقوله:
" رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ " (سورة إبراهيم: آية 37).
بعدما نفد الماء استهل الطفل بالبكاء ولم تكن أمه تطيق رؤيته يبكي فصدت عنه كي لا تسمع بكائه وذهبت تسير طلبا للماء فصعدت جبل الصفا ثم جبل المروة ثم الصفا ثم المروة وفعلت ذلك سبع مرات تماما كما السعي الذي شرع من بعدها، فلما وصلت المروة في المرة الأخيرة سمعت صوتا فقالت أغث إن كان عندك خير، فقام صاحب الصوت وهو جبريل بضرب موضع البئر بعقب قدمه فانفجرت المياه من باطن الأرض ودلّت هاجر تحيط الرمال وتكومها لتحفظ الماء وكانت تقول وهي تحثو الرمال زم زم، زم زم، أي تجمع باللغة السريانية، وهو ما يعود إليه السبب في التسمية.
وقد روى ابن عباس عن نبي الله محمد:
" رحم الله أم إسماعيل لو تركت زمزم أو قال لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينا معينا " .
وقد اندثر البئر ذات مرة في العصر الجاهلي ولم يعرف له مكان وقبل دخول الإسلام حلم جد الرسول عبد المطلب آنذاك بمن يدله على مكان البئر ويطلب منه فتح البئر وقد استيقظ وركض مهرولا إلى جانب الكعبة وحفر في المكان الذي رآه في منامه حتى تحققت الرؤيا.
حيث أنه قد رأى أن أحدهم قال له احفر طيبة، لأنها للطيبين والطيبات من ولد إبراهيم وإسماعيل، وقيل له: احفر برة ، وقيل: احـفر المضنونة ضننت بها على الناس إلا عليك، ودل عليهـا بعلامات ثلاث: بنقـرة الغراب الأعصم، وأنها بين الفرث والدم، وعند قرية النمل.
وروي أنه لما قام ليحفرها رأى ما رسم له من قرية النمل ونقـرة الغراب، ولم ير الفرث والـدم، فبينما هو كذلك ندت بقـرة لجازرها فلم يدركها حتى دخلت المسجد الحرام، فنحرها في الموضع الذي رسم له، فسال هناك الفرث والدم، فحفرها عبد المطلب حيث رسم له.
وقيل لعبد المطلب في صفتها أنها لا تنزف أبدًا، وهذا برهان عظيم لأنها لم تنزف من ذلك الحين إلى اليوم قط، وقد وقع فيها حبشي فنزحت من أجله، فوجدوا ماءها يثور من ثلاث أعـين أقواها وأكـثرها ماء عين من ناحية الحجر الأسود، رواه الدارقطني.
السقاية من الأمور التي كانت تتولاها قريش أثناء الحج من توفير المياه بالنسبة للحجاج الذين يأتون إلى مكة، إلى أن استلم عبد المطلب جد نبي الله محمد أمور السقاية، فيقول أيوب صبري في كتابه (مرآة جزيرة العرب): ولما تولى بنو العباس الخلافة حالت أعمال الملك دون قيامهم بأمر السقاية، فكانوا يعهدون إلى آل الزبير المتولين التوقيت في الحرم الشريف القيام بأعمال السقاية بالنيابة، ثم طلب الزبيريون من الخلفاء العباسيين ترك السقاية لهم فتركوها لهم بموجب منشور ، إلا أنه نظرا لكثرة الحجاج فقد اشترك معهم آخرون في العمل باسم الزمازمة.
لاحقاً عمل الأتراك العثمانيون على تثبيت آل الزبير في عمل السقاية، حيث أنهم لا زالوا يتكفلون برئاستها حتى الوقت الحاضر وآل الزبير هؤلاء يعرفون اليوم بـ «بيت الريس».
وكانت توجد على زمزم قبة وغرف مستودعات ومستبرد لدوارق ماء زمزم، ولكن ذلك هدم عام 1383 هـ حين اضطر عمل التوسعة ذلك.
لبئر زمزم ومائها أسماء عديدة، فقد نقل ابن منظور في لسان العرب عن ابن بري اثني عشر إسمًا لزمزم، فقال: «زَمْزَمُ، مَكْتُومَةُ، مَضْنُونَةُ، شُباعَةُ، سُقْيا الرَّواءُ، رَكْضَةُ جبريل، هَزْمَةُ جبريل، شِفاء سُقْمٍ، طَعامُ طُعْمٍ، حَفيرة عبد المطلب».
وقال ياقوت الحموي في معجم البلدان: « ولها أسماء وهي: زمزم، وزَمَمُ، وزُمّزْمُ، وزُمازمُ، وركضة جبرائيل، وهزمة جبرائيل، وهزمة الملك، والهزمة، والركضة - وهو المنخفض من الأرض، والغمزة بالعقب في الأرض يقال لها: هزمة - وهي سُقيا الله لإسماعيل عليه السلام، والشباعة، وشُبَاعةُ، وبرَة، ومضنونة، وتكتمُ، وشفاءُ سُقم، وطعامُ طعم، وشراب الأبرار، وطعام الأبرار، وطيبة».
وذكر الفاسي في فصل ذكر أسماء زمزم؛ أسماء أخرى كثيرة، ترجع إلى الصفات المتعلقة بماء زمزم أو بئرها .
ظلت زمزم فترة طويلة عبارة عن حوضين الأول بينها وبين الركن يشرب منه الماء، والثاني من الخلف للوضوء، له سرب يذهب فيه الماء ولم يكن عليها شباك حينئذ، وكانت مجرد بئر محاطة بسور من الحجارة بسيط البناء، وظل الحال كذلك حتى عصر "أبو جعفر المنصور" الخليفة العباسي الذي يعد أول من شيد قبة فوق زمزم وكان ذلك سنة 145 هـ، كما يعتبر أبو جعفر أول من عمل الرخام على زمزم وعلى الشباك وفرش أرضها، ثم عملها " أبو عبد الله محمد المهدي " في خلافته، حيث سقفت حجرة زمزم بالساج على يد " عمر بن فرج " ، كما كُسِيت القبة الصغيرة بالفسيفساء وجددت عمارة زمزم، وأُقيم فوق حجرة الشراب قبة كبيرة من الساج بدلاً من القبة الصغيرة التي تعلو البئر، وكان ذلك في عهد الخليفة المهدي سنة 160 هـ، كما جددت بئر زمزم وكسيت بالرخام، وجددت قبتها في عهد الخليفة العباسي المعتصم سنة 220 هـ.
فتحة البئر تقع تحت سطح المطاف على عمق 1,56 متراً، خلف مقام إبراهيم إلى اليسار مقابلة للكعبة، والبئر ينقسم إلى قسمين : الأول مبني على عمق 12,80 متراً عن فتحة البئر ، والثاني جزء منقور في صخر الجبل بطول 17,20 متراً، أي أن عمق البئر 30 متراً من فتحة البئر إلى قعره ، أما العيون التي تغذي بئر زمزم فهي ثلاث عيون: عين حذاء الركن الأسود وعين حذاء جبل أبي قبيس والصفا وعين حذاء المروة، حسب التحديد القديم للبئر وهي متقاربة مع التحديد الحالي وهذه العيون تقع في جدران البئر على عمق 13 متراً من فتحة البئر.
في عام 2010 تم إطلاق مشروع لتعبئة وتنقية مياه زمزم آلياً بقيمة بلغت 700 مليون ريال سعودي، حيث أن مصنع التعبئة يقع على مسافة 4 كيلو ونصف الكيلو متر من المسجد الحرام ويتكون من عدة مبانٍ، تشمل مبنى ضواغط الهواء ومستودع عبوات المياه الخام ومبنى خطوط الإنتاج ومبنى مستودع العبوات المنتجة بطاقة تخزينية يومية تبلغ 200 ألف عبوة، بمساحة كلية للمصنع تبلغ 13405 أمتار مربعة، ويشمل مبنى المولدات الكهربائية الإحتياطية بطاقة 10 ميجاوات ويعمل بنظام سكادا الذي يعمل على التحكم والمراقبة لكافة مراحل المشروع بداية من ضخ المياه من البئر إلى آخر مراحل التعبئة.
كما يحتوي المشروع على مستودع آلي مركزي لتخزين وتوزيع العبوات المنتجة، مجهز بأنظمة تكييف وأنظمة إنذار وإطفاء الحريق، يمثل 15 مستوى لتخزين وتوزيع 1.5 مليون عبوة سعة 10 لترات، والمستودع يعمل بشكل آلي، وذلك عبر سيور ناقلة آلية تصل بين خطوط الإنتاج والجسر الناقل الذي يصل بدوره بين مصنع التعبئة والمستودع المركزي سعة 1.5 مليون عبوة، وتستخدم فيه أنظمة التخزين العالمية المعروفة باسم التخزين الآلي والإسترجاع الآلي (AS/RS) حيث تدخل العبوات المنقولة عبر الجسر الناقل إلى المستودع المركزي بواسطة رافعات رأسية حمولة كل منها 2000 كيلوجرام، وتخزن هذه العبوات في أماكن محددة يتم التحكم بها عن طريق برنامج تخزين، يتم من خلاله التخزين حسب تاريخ الإنتاج وخط الإنتاج، ويتيح هذا البرنامج تحديد أولويات التوزيع حسب تاريخ التخزين ونتائج الإختبارات الخاصة بالمياه المنتجة التي تتم بمختبر المحطة.
بعد إنتهاء المرحلة الخاصة بالإنتاج والتخزين تبدأ مرحلة نقل العبوات المخزنة من مبنى المستودع إلى نظام التوزيع الذاتي عن طريق الرافعات الرأسية لتوضع على سيور ناقلة تنقلها إلى 42 نقطة توزيع آلية، حيث توزع هذه العبوات على المستفيدين بإستخدام قطع معدنية خاصة، كل منها مخصص للحصول على عبوة واحدة فقط، ويمكن الحصول على هذه القطع من منافذ التوزيع المنتشرة داخل منطقة المشروع ليقوم المستهلك بوضع القطعة داخل ماكينة التوزيع فيحصل آليا على العبوة، حيث تبلغ قيمة العبوة سعة 10 لترات خمسة ريالات سعودية.
كما يتم نقل مياه زمزم إلى خزانات زمزم بالمسجد النبوي في المدينة المنورة عن طريق صهاريج مجهزة بمواصفات خاصة لحماية المياه من أي مؤثرات، بمعدل 120 طناً يومياً ويرتفع في المواسم إلى 250 طناً ويقدم ماء زمزم في حافظات معقمة ومبردة تصل إلى 7000 حافظة مياه توزع داخل المسجد النبوي وسطحه وساحاته إضافة إلى نوافير الشرب الموزعة في المسجد النبوي والمرافق المحيطة به.
تم عمل أحد الأبحاث لمقارنة التركيب الكيميائي بين ماء زمزم وبين مصدر مياه آخر صالح للشرب، فوجد أن هنالك تبايناً ملحوظاً في خصائصهما الكيميائية المختلفة، إضافة إلى درجة الحموضة (pH) التي ظهرت بنتيجة 8 بينما كانت في المياه العادية بنتيجة 7,2
في مايو 2011 أجرت بي بي سي تحقيقاً سرياً عن بيع محال تجارية في لندن مياهاً على أنها من بئر زمزم ملوثة بالبكتيريا والزرنيخ بعدها تم فحص عينات أخرى أستحضرت من بئر زمزم في مكة وثبت تلوثها بالزرنيخ ، أثار هذا الخبر ردود أفعال واسعة ونفي المملكة العربية السعودية ما أسمته بالمزاعم حول تلوث مياه زمزم مفسرة الأمر بأنه حادث عرضي ناجم عن عملية إنتقال العبوات وتقسيمها بين الحجاج أنفسهم داعية الخبراء لزيارة مصنع خادم الحرمين الشريفين لتعبئة مياه زمزم، والوقوف عيانا ومخبرياً على طرق تعبئته ونسب المعادن والأملاح فيه.
وحرصًا من الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي على نظافة ماء زمزم وخلوه من الملوثات فقد أمنت مختبرًا ؛ لتحليل ماء زمزم ، يقع على سطح الحرم المكي الشريف ، ترفع نتائجه للرئاسة أولاً بأول ، كما يتولى المختبر الإشراف على جميع مراحل تعقيم ماء زمزم ، حيث شيد عام 1395هـ مبنى خاص للتعقيم قرب المسجد الحرام يصل إليه ماء زمزم عبر أنابيب خاصة ، تسلط عليها الأشعة فوق البنفسجية لتنقيته وقتل البكتريا ، وهذه الطريقة يُضمن بها عدم إضافة أي مواد كيميائية ، كما أنها لا تتسبب في تغيير طعم ماء زمزم أو لونه أو رائحته ، حيث يحتفظ بجميع خواصه وتركيبه الكيميائي .
ويتم تعقيم مياه زمزم بالأشعة فوق البنفسجية دون إضافة أي مواد كيماوية ، ويصل مستوى التعقيم من البكتيريـا والفيروسات إلى نسبة ( 99.77% ) ، والكيلو واط الواحد من الكهـرباء يقوم بتعقيم (12000) جالون من الماء .
ومن مميزات طريقة التعقيم هذه ضمان عدم تغير لون ماء زمزم أو طعمه أو رائحته .
والأشعة فوق البنفسجية هي طاقة ضوئية تنتج من مصابيح زئبقية منخفضة الضغط محمية بأنواع خاصة من الزجاج ، تسمح للضوء بالمرور ، وأما عن كيفية قضائها على البكتريا والفيروسات ؛ فإنه عندما تسلط الأشعة فوق البنفسجية على البكتيريا والفيروسات وغيرها من الأحياء الدقيقـة ، فإنها تخترق الغلاف الخارجي وتدمر الحمض النووي[D.N.A] للجراثيم والفيروسات .
وطريقة عمل جهاز الأشعة فوق البنفسجية يتم بإدخال المياه إلى أسطوانة توجد بداخلها المصابيح ( اللمبات ) المولدة للأشعة فوق البنفسجية ، ويعتمد عدد اللمبات الموجودة داخل الأسطوانة على حجم الأسطوانة وكمية المياه المراد تعقيمها ، ويتم دخول المياه وخروجها بسرعة معينة محسوبة كافية لقتل الجراثيم والفيروسات .
وحرصاً على نظافة مياه زمزم وخلوها من الملوثات أمَّنت الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي مختبرًا لتحليل مياه زمزم يتولى الإشراف على جميع مراحل تعقيم مياه زمزم ، وكذا متابعة ملء سيارات الصهاريج الناقلة لمياه زمزم والمخصصة للمسجد النبوي الشريف ، حيث يزود المسجد النبوي بمياه زمزم على مدار الساعة من محطات التعبئة بسبيل الملك عبد العزيز بكدي .
تتولى إدارة سقيا زمزم بالمسجد الحرام منذ إنشائها عام 1400هـ الإشراف على بئر زمزم وتوفير مياه زمزم المبردة والعادية في الحافظات (الترامس) ، وتعمل على نظافتها ، وتزويدها بما يلزم من الأكواب البلاستيكية ، كما تقوم بنظافة وغسيل المشربيات والأكواب المعدنية ومتابعة درجة البرودة في المشربيات .
سقيا زمزم |
وحفاظا على سلامة مياه زمزم تتخذ مجموعة من الإجراءات تتلخص فيما يلي :
- تضخ مياه زمزم المباركة من بئر زمزم في دائرة مغلقة عبر مواسير لا تصدأ (استانليس استيل ) إلى خزانات مغلقة تمامًا معالجة كيميائيًّا لمنع حدوث أي تفاعل كيميائي أو أي نشاط بكتريولوجي بين مكونات مياه زمزم ، والخزانات مارة قبل تخزينها بمرشحات ( فلاتر ) تحجز الرمال والشوائب ، ثم تمر على أجهزة التعقيم المبدئية .
- عند ضخ ماء زمزم المبارك من الخزان إلى المسجد الحرم لإستعمالها يتم مرورها من خلال مرشحات (فلاتر) لحجز أي رواسب ، ثم يجري تعقيمها بالأشعة فوق البنفسجية مرة أخرى ؛ لتنقل إلى الحرم المكي الشريف عبر مواسير لا تصدأ ( استانليس استيل ) .
- يتم إجراء التحاليل اللازمة لمياه زمزم في مختبرات الرئاسة المخصصة لتحاليل مياه زمزم ( كيميائيا وبكتريولوجيا ) قبل إستعمالها من قبل مرتادي بيت الله الحرام ، وذلك للكشف عن أي ملوثات كيمائية أو بكترولوجية .
- إشتراط توفر شهادات صحية لجميع العاملين في مجال السقيا معتمدة من قبل وزارة الصحة بقسم الطب الوقائي ، وذلك للتأكد من خلوهم من الأمراض المعدية .
- نظافة القواعد التي توضع عليها الحافظات بصفة مستمرة بإشراف الإدارة.
- تعبئة الحافظات وتوزيعها في أرجاء المسجد الحرام والساحات بعد التأكد من نظافتها .
- تبديل الكاسات المستعملة ووضع كاسات بلاستكية جديدة بدلاً منها .
- صيانة ونظافة الخزانات حسب جدولة أسبوعية وشهرية وموسمية تنظم وفق الخطة المتبعة ، وبأفضل الأساليب والوسائل المطلوبة .
ويصل عـدد الحـافظات بالمسجد الحرام إلى أكثر من (14000) حافظة تزيد في شهر رمضان المبارك وموسم الحج وفصل الصيف من كل عـام ، إضافة إلى المشربيات المنتشرة بالمسجـد الحرام والساحات المحيطة به ، ويبلغ عـدد صنابير سقيا زمزم ( 1073 ) صنبوراً إضافة إلى ( 223 ) برميلاً ، يتم توفيرها في رمضان وموسم الحج .
ويتم تبريد مياه زمزم بمحطة التبريد الموجودة مقابل باب الفتح التي تم إنشاؤها عام 1404هـ ، وقبل ذلك كان يتم تبريد مياه زمزم بواسطة قوالب الثلج المصنعة من ماء زمزم .
لماء زمزم مكانة وفضائل كثيرة عند المسلمين، منها: أنه أولى الثمرات التي أعطاها الله لخليله النبي إبراهيم عندما رفع يديه وقال: رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (سورة إبراهيم: آية 37).
وأن ماء زمزم من الآيات البينات في حرم الله، قال ابن الديبع في حدائق الأنوار «ومن الآيات البينات في حرم الله: الحجر الأسود والحطيم وإنفجار ماء زمزم بعقب جبريل عليه السلام وأن شربه شفاء للسقام وغذاء للأجسام بحيث يغني عن الماء والطعام».
كما أنه يعد من أعظم النعم والمنافع المشهودة التي ذكرت في القرآن: ﴿ليشهدوا منافع لهم﴾، (سورة الحج: آية 28) ، ومن الفضائل لماء زمزم خاصية الإستشفاء به، كما جاء في الحديث النبوي «إِنَّهَا مُبَارَكَةٌ إِنَّهَا طَعَامُ طُعْمٍ» وزاد غير مسلم «وَشِفَاءُ سُقْمٍ»، قال الثعالبي في ثمار القلوب: « فكم من مبتلى قد عوفي بالمقام عليه والشرب منه والإغتسال به بعد أن لم يدع في الأرض ينبوعا إلاّ أتاه واستنفع فيه».
ثبت أن رسول الله محمد - صلّ الله عليه وسلم - شرب ماء زمزم وهو قائم، روى البخاري عن العباس بن عبد المطلب، أنه قال: «سقيت رسول الله من زمزم وهو قائم»، كما ورد عنه أن ماء زمزم لما شرب له، وقد نص علماء المسلمين على أن الدعاء بعد الفراغ من شربه مما ترجى إجابته ، روى أحمد والحاكم والدارقطني عن ابن عباس، وأحمد عن جابر عن رسول الله محمد، أنه قال:
" ماء زمزم لما شرب له " .
حديث نبوي
ولم يثبت عن نبي الله محمد أنه قال دعاءاً مخصوصاً عند شربه ماء زمزم، لكن روى الدارقطني عن ابن عباس أنه كان إذا شرب ماء زمزم قال: «اللهم إني أسألك علماً نافعاً، ورزقاً واسعاً، وشفاءً من كل داء»، فأولى لمن شرب ماء زمزم أن يشربه بنية صالحةٍ، ثم يدعو الله بعد فراغه.
من السنة حمل ماء زمزم من مكة إلى الآفاق : فقد كان يحمله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويأمر بحمله في الأداوي والقرب ، وكان يصبه على المرضى ويسقيهم .
وفضيلة ماء زمزم حاصلة بإذن الله تعالى سواء كان في موضعه أو منقولاً إلى مكان آخر ، فإن فضله لعينه ، لا لأجل البقعة التي هو فيها .
من السنة الشرب من ماء زمزم وصبه على الرأس والوضوء به : فقد ورد سنية الشرب من ماء زمزم عند الفراغ من الطواف بالبيت وقبل البدء بالسعي ، وسنية صبه على الرأس وكذا سنية شرب ماء زمزم عند الفراغ من أداء المناسك .
كما غُسل بماء زمزم قلب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - : فقد شُقّ صدره الشريف - صلى الله عليه وسلم - أربع مرات كما في صحيح البخاري : مرة وهو ابن أربع سنوات وكان عند مرضعته حليمة السعدية ، ومرة وهو ابن عشر سنوات ، ومرة حين نبئ عند مجيء جبريل عليه السلام بالوحي إليه ، ومرة رابعة ليلة الإسراء والمعراج حين عرج به إلى السماء الدنيا ، وفي ذلك كله حكم عظيمة ، فقد خص الله تعالى ماء زمزم ليغسل به قلب الحبيب المصطفى - صلى الله عليه وسلم - ، ولم يغسل إلا به لأنه أفضل المياه .
وقال الباحث محيي الدين: "توافدت القبائل من كل حدب وصوب نحو مكة المكرمة، وزادت أهميتها بعد بناء سيدنا إبراهيم وابنه إسماعيل عليهما السلام للبيت الحرام، وأصبحت بذلك مركزاً تجارياً لقبائل الجزيرة العربية والشام، وهو تحقيق لدعاء النبي إبراهيم - عليه السلام - .
من أين يأتي الماء؟
وبين الهاشمي أن العيون التي تغذي زمزم "ثلاثة"، إحداها من جهة الحجر الأسود، والثانية من جهة جبل أبي قيس، والثالثة من جهة المكبرية حالياً.
وتجدر الإشارة إلى أن مبنى زمزم الذي كان في وسط المطاف كان يتكون من عدة طوابق، وكان بداخله رقبة بئر زمزم بالطوق النحاسي وغطاء البئر، إضافة إلى بكرة لرفع الماء تعود لأواخر القرن الرابع عشر، كما يوجد دلو من النحاس مؤرخ عام 1299 هـ وقد وضعت حالياً بمتحف عمارة الحرمين الشريفين بأم الجود.
وتمت إزالة مبنى زمزم عام 1377هـ عند توسعة المطاف، وجعل مدخل البئر تحت صحن المطاف، وذلك تسهيلاً للطائفين حتى تمت إزالة المدخل بشكل كامل من المطاف في التوسعة الأخيرة الحالية للمسجد الحرام.
كما تمت أكبر عملية تنظيف للبئر عام 1400 هـ بأمر من الملك الراحل خالد بعد أحداث الحرم ورمي الجثث بها، وشكل فريق برئاسة المهندس يحيى كوشك وغواصون وتم تنظيف البئر بشكل كامل ودقيق.
كتب المهندس يحيى كوشك كتابًا عن زمزم ، قيد فيه مشاهداته داخل البئر ، فقال : « تبين بالمشاهدة أن هناك مصدرين أساسيين فقط ، أحدهما تجاه الكعبة ، والآخر تجاه أجياد ، أما المصدر الثالث الذي قالت الروايات التاريخية أنه في جهة جبل أبي قبيس والصفا ، فقد وجدت بدلا منه تلك الفتحات الصغيرة بين أحجار البناء وعددها (12) فتحة».
وقد ذكر ابن جبير في رحلته لمكة المكرمة ، قال : « وتنور البئر المباركة في وسطها مائل عن الوسط إلى جهة الجدار الذي يقابل البيت الكريم » .
ويلتقي هذا مع ما أفاد به المهندس يحيى كوشك : أن البئر في الوقت الحاضر منحرف ومائل إلى إتجاه الكعبة إلى حد أن الغواص ما كان يستطيع مشاهدة فوهة البئر من قاع البئر .
أما عن ذرع بئر زمزم فيقول الأزرقي : « أنا صليت في قعرها ، فغورها من رأسها إلى الجبل أربعون ذراعًا (22.45م) ، ذلك كله بنيان ، وما بقي فهو جبل منقور ، وهو تسعة وعشرون ذراعًا (16.28م)... وعلى البئر ملبن ساج مربع فيه اثنتا عشرة كرة يستقى عليها » .
ويلتقي هذا أيضًا مع ما ذكره يحيى كوشك حيث قال : إن جدار البئر من الداخل محكم التلييس بعمق (14.80م) من فوهة البئر ، وتحت هذا العمق يوجد فتحتان لتغذية البئر : أحدهما متجهة إلى جهة الكعبة المشرفة ، والثانية إلى أجياد ، ثم يــأتي جــزء منقور في الجبل بعمق (17.20سم) .
وهذه الفروق في القياس قليلة جدًّا ، وذلك يعود إلى أن البئر الآن تحت سطح المطاف ، بينما في السابق كانت فوق سطح أرض المطاف وعليه كان القياس.
إرسال تعليق