من الأرض المسطحة إلي الصحون الفضائية والوحوش المعدلة وراثياً ، سنلقي الضوء علي نظرية مؤامرة جديدة تعتقد بأن الزواحف البشرية تحكم العالم وأن أصحاب القرار علي الأرض هم "سحالً" فقط ، فلماذا هذا الوصف  بالتحديد ؟ وكيف سيطرت السحالي علي عقول البشر ؟ 

»النخبة الزاحفة:

مجموعة سرية تعيش بيننا تتناول لحومنا وتشرب دمائنا ، تتنكر علي هيئة بشرية من أجل هدف واحد وهو إستبعاد الجنس البشري والسيطرة علي عقله ، نعم إنهم قادتنا ومالكو الشركات الكبري وحتي ممثلونا ومغنونا المفضلون والحائزون علي جوائز الأوسكار ، إنهم المسؤولون عن الأحداث الكبري التي غيرت ديموغرافيا الأرض ، فمن هم السحالي البشرية؟ 

قد تشعر بغرابة كيف يوجد أشخاص تصدق مثل هذه الإدعاءات الغريبة ، لكن في الحقيقة هذه النظرية ليست حديثة ، وإنما ظهرت لأول مرة عام 1998 من خلال كتاب يدعي The Biggest Secret أو "السر الأعظم" للكاتب والرياضي السابق "ديفيد آيك" ، أحدث الكتاب ضجة كبيرة بعد صدوره لدرجة أن الحكومة البريطانية صادرت جميع النسخ الموجودة من الكتاب بعد شهر من نشره ومنعت تداوله ، وكانت ردة الفعل هذه غريبة وخاصة أننا كنا علي أعتاب القرن العشرين وهناك حرية وديمقراطية كبيرة فما السبب ؟ 

لمعرفة الجواب يجب أن نتعرف أكثر علي مؤلف الكتاب "ديفيد آيك" الذي كان لاعباً محترفاً في كرة القدم ، ولكن بعد إصابته الخطيرة في ركبته قرر إعتزال الكرة والتوجه نحو التقديم التليفزيوني ، ومن هنا بدأ حديثه عن الزواحف التي تسيطر علي العالم .

إدعي آيك أن أفراد العائلة المالكة وجورج بوش وهيلاري كلينتون وغيرهم من القادة ليسوا إلا سحالي ! وهم المسؤولون عن خلق جميع الأديان للسيطرة علي البشر ومنعهم من المعرفة الروحية والباطنية ، كما إدعي في إحدي مقابلاته أنه "ابن الرب" وعلي الرغم من تداول إسمه بشكل كبير في الصحافة والإستهزاء بأقواله إلا أنه تمكن من تقديم محاضرات ولاقت أفكاره رواجاً كبيراً بين العامة وأصدر الكثير من الكتب التي تفضح المؤامرة "حسب تعبيره" ، منها كتاب دليل ديفيد آيك للمؤامرة العالمية .

»هل تعيش الزواحف البشرية بيننا ؟ 

لا عجب أن المشاهير والسياسيين يملكون مواهب وخواص فريدة تجعلهم يتميزون عنا نحن عامة الشعب ، لكن من الصعب التصديق أن هذه الميزات ليست بشرية علي الإطلاق ، وأنهم في الحقيقة "حسب رأي ديفيد وأتباعه" كائنات أشبه بالزواحف يبلغ طولهم خمسة عشر قدماً ويسكنون الفضاء الخارجي ، وأتوا إلي كوكبنا وسيطروا علي حكومتنا ووسائل الإعلام والترفيه لغاية واحدة وهي إستعباد جنسنا البشري . 

وحسب رأي ديفيد ، فإن الحروب والأحداث العالمية والترندات السخيفة ما هي إلا أساليب هدفها تشتيتنا وإبقاؤنا مشغولين ، وذكر أسماء من هذا الصنف الزاحف ، مثل الملكة إليزابيث الثانية وعائلة بوش ومالكي البنوك العالمية وحتي المشاهير مثل كاتي بيري وجاستن بيبر والجماعات السرية مثل المتنورين والماسونية . 

ويوضح ديفيد في كتابه أن هذه السحالي تستطيع التنكر علي هيئة بشرية بإستخدام تقنيات متطورة تعرف بالإهتزازات التي توهمنا بأن لها هيئات بشرية، لكن الكاميرات إلتقطت تصرفات غريبة ، وربما دلائل علي وجود الزواحف يمكنك الإطلاع عليها علي موقع يوتيوب حيث يوجد الكثير منها ، وأحدث مقطع إنتشر هو للمغني جاستن بيبر تظهر عيناه كعيون الزواحف لجزء من الثانية ، بالإضافة لمشاهير مثل مايلي سايرس وإيمينيم وغيرهم الكثير ، بينما يري المشككون بهذه النظرية أن مثل هذه المقاطع ما هي إلا خلل في الكاميرات أو مقاطع مركبة . 

ضمن كتاب "السر الأعظم" ذكر ديفيد أن الكون عبارة عن طاقة عظيمة تسببت في خلق أبعاد كونية ضمن العالم الذي نسكنه ، وأحد هذه الأبعاد هو البعد الخاص بالزواحف القادم من نظام نجمي يعرف بإسم "Alpha Draconis" ، وتمكنت هذه الزواحف المتقدمة خلال العصور القديمة من التسلل إلي عالمنا وتكوين سلالات هجينة مع البشر وبسبب حمضهم النووي الفريد يمكنهم السيطرة علي عقول البشر داخل أنظمتنا . 

ودعم كلامه بأن الأجنة البشرية خلال مراحل تشكلها الأولي تبدو أقرب لشكل الزواحف كمان أن أقدم أجزاء الدماغ لدينا والمسؤول عن الغزائر البدائية يدعي "دماغ الزواحف" لأنه مشابه لأدمغه الزواحف ، ويتكون من جذع الدماغ والمخيخ وربما يكون هذا الدليل نتيجة تطورنا في الأصل من الزواحف كونها تعد أول سكان هذه المعمورة ، لذلك فمن الطبيعي أن نمتلك أجزاء متشابهة .

يأتي دليل آخر علي هذه النظرية في الحضارات القديمة وبعض الأديان التي تصور آلهة علي شكل زواحف كما في الرسومات الموجودة في حضارة الفراعنة ، والتي يعتقد أنها من بنت الأهرامات ، علي الرغم من أن هذا يبدو منطقياً ، إلا هذا الدليل متزعزع وغير كافٍ لأن الحضارات القديمة كانت تمتلك آلهة علي شكل حيوانات كثيرة أخري .  

»رأي الطب النفسي في نظرية "الزواحف البشرية" 

يعتقد حوالي 90 مليون أمريكي أن الكائنات الفضائية موجودة فعلاً و 12 مليون منهم يؤمنون بنظرية الزواحف البشرية ، علي الرغم من أن بلداً مثل أمريكا ليس بلداً نامياً ، لكن وجود هذا الرقم من الأشخاص المؤمنين بأفكار "غير عقلانية" هو رقم لا يستهان به . 

يحاول علماء النفس تحديد سبب إختيار الناس لهذا النوع من النظريات غير المنطقية ، يقول فان بروجين أستاذ في علم النفس الإجتماعي في جامعة أمستردام : "إن معتنقي هذه النظريات يأتون من كافة الأطياف ، فقراء وأغنياء ومتعلمين وأميين ، ليبراليين ومحافظين" ، ويعزو أسباب الإيمان بها إلي أن أدمغتنا البشرية تنجذب للراحة عبر التبسيط المفرط والإدراك الخاطئ للأحداث ، كما أن الناس علي إستعداد لقبول التفسيرات التي تلائم معتقداتهم والتي يمكن أن تمنحهم الشعور بالتميز والإنفراد بإمتلاك المعرفة السرية ، وربما تكون هذه النظريات ملجأً كي يشعروا أنهم مازالوا يتحكمون بزمام الأمور ، ولهذا الشعور جذور تطورية ظهرت مع الإنسان البدائي الذي كان كثير الشك مع الغرباء ولا يثق إلا بأبناء قبيلته . 

»لماذا يميل بعض الناس إلي تصديق نظريات المؤامرة ؟

يوضح روب براذرتون عالم النفس الأكاديمي ومؤلف كتاب "العقول المشبوهة : لماذا نصدق نظريات المؤامرة" أن بعض الأشخاص ينساقون وراء تصديق هذه النظريات أكثر من غيرهم وبالتالي فإن تصديق المؤامرات هي صفة شخصية تتعلق بالبيئة والعوامل النفسية والإجتماعية والقدرة علي التحليل النقدي وغيرها من العوامل الأخري .

في حين يقول العالم جوزيف إي أوسينسكي الأستاذ المشارك في العلوم السياسية في جامعة ميامي إن أكثر نظريات المؤامرة جاذبية هي النظريات الفضفاضة التي تسمح لأي شخص بإختيار الشرير الذي يريده ، علي سبيل المثال تتمتع نظريات المؤامرة المتعلقة بإغتيال الرئيس جون كينيدي بشعبية كبيرة لأنها تسمح للمؤمنين بها بإلقاء اللوم علي أي قوة يرغبون بها ، مثل المخابرات الأمريكية أو الإتحاد السوفيتي وكوبا علي الرغم من أن هناك حداً معيناً لأتباع أي نظرية ، فمن الصعب إقناع أكثر من 25% من السكان بنظرية واحدة ، فهناك سقف طبيعي لعدد الأشخاص المهيئين لتقبل أي نظرية مؤامرة . 

ربما تكون هذه النظرية من أغرب نظريات المؤامرة وأكثرها تطرفاً ، لكن علي الرغم من عدم وجود دليل علمي ملموس أو أي دليل منطقي لسبب نشوء هذه النظرية ، إلا أن وجود هذا العدد الهائل من المؤمنين بها في أمريكا وحدها يجعلنا نتساءل عن السبب الحقيقي وراء إنقياد هذه الجموع نحو أفكار "مجنونة" ، ونظراً لأن الكثير منهم لديهم إعتقادات أخري ويؤمنون بنظريات مؤامرة عديدة ، فمن المحتمل أن لديهم شعوراً شديداً بجنون العظمة أو البارانويا تجاه العالم والحكومة .