تأثير العالم الإفتراضي علي النفس البشرية
علم النفس السيبراني
يتزامن تطور الثروة الإلكترونية والتكنولوجية مع التسارع الرقمي لتصبح التقنية التحاماً لا يمكن فصله عن هيكلية المجتمع الذي اقتسم أفراده شكلاً من أشكال الإحاطة بالفرد علي أنه كل لا يتجزأ من الجميع وفق منظومة اتصال وتواصل شديدة الجاذبية .
وبدأت تظهر العديد من المفاهيم التي تصب جميعها في قوقعة منفتحة علي العالم بأسره ، فكان الذكاء الصناعي ، وكان الإنترنت ، وكان مؤخراً ما يسمي ب الفضاء السيبراني ، ولنكون كمجتمع بأفراده علي تماس مباشر مع سلبيات وإيجابيات وتأثير هذا الفضاء علي النفس البشرية ، تم الإهتمام بعلم ينحصر بتفاصيل الفضاء السيبراني أطلق عليه اسم علم النفس السيبراني الذي إهتم بالعادات التي ساعدت علي انتشار الإنترنت وإستعمالاته ، والعمل علي علاج المتعاطين معه بشكل عشوائي وفوضوي التي قد تصل حالاته إلي مرحله الجرائم الإلكترونية.
علم النفس السيبرانى وتأثير العالم الإفتراضى عليه |
• علم النفس السيبراني Psychology-cyber
هو مجال علم النفس الذي يركز علي دراسة تأثير الفضاء الإلكتروني علي سلوك البشر ، والسيبرانية مفردة إغريقية تعني القيادة والتحكم .
تكمن أهمية هذا العلم بأنه العلم الذي يهتم بدراسة العقل والسلوك من منطق التفاعل بين الإنسان والتكنولوجيا التي أصبحت مسيطرة علي العالم ، فأحاط بكافة الظواهر النفسية المتأثرة والمرتبطة بتكنولوجيا الإتصال وتقنياته بما يشتمل عليه من هواتف وألعاب ووسائط رقمية وواقع إفتراضي يكون له أثر في تغيير السلوكيات والأفكار .
وتستمر أهميته في كونه علماً يصحح العلاقة بين الإنسان والتكنولوجيا ويحسن من طرق الإستفادة والتعلم من الفضاء السيبراني المفتوح وفهم مشكلة الإدمان علي ذلك الفضاء وطرق التخلص منها ، ويعد علماً نافعاً إذا ما تم تطبيقه وتوظيفه في مجالات عدة أهمها الأغراض التجارية والتعليمية والإدارية والتوعوية مما يوفره هذا العلم من فهم متعمق للآثار السلبية والإيجابية للفضاء السيبراني علي مستخدمية.
فهو العلم الأساسي لفهم التأثير الإجتماعي والنفسي لممارسات الإنترنت وتطبيقاته والشبكات الإجتماعية في العصر الرقمي والواقع الإفتراضي الذي يهتم بتأثير التقنيات التفاعلية علي السلوك والمجتمع ، سواء كانت إيجابية أو سلبية.
وفي ضوء النظرية المعرفية السلوكية التي تهدف إلي تعديل السلوك فإن علم النفس السيبراني يساعد في التحكم بالأفكار اللاعقلانية من خلال اعتبار الإضطرابات الإنفعالية هي نتاج أساليب تفكير خاطئة ومختلة وظيفياً فهناك علاقة تبادلية بين الأفكار والمشاعر والسلوك ، وعليه تكون الأبنية المعرفية التي تضم الأفكار والصور والتخيلات والتوقعات والمعاني ذات صله بالإنفعالات والسلوكيات والأفكار اللاعقلانية فالمعارف المختلة وظيفياً تبدو غير منطقية ويمثل تعديل الأبنية المعرفية شرطاً لتغيير الإنفعالات والسلوك .
• مفهوم الفومو : Fear of missing :
يعبر عن القلق من تفويت شئ ما أو مناسبة ممتعة أو مشوقة تحدث في مكان آخر ، وغالباً ما يرتبط ذلك برؤية منشورات علي وسائل التواصل الإجتماعي ، فالخشية من فوات الفرصة أو الخوف علي شبكات التواصل الإجتماعي باتت ظاهرة مرضية عامة منتشرة في أوساط " السيبرانيين " المتصلين دائماً بشبكة الإنترنت ، حيث تري القلق بادياً علي ملامحهم ، خشية أن يمر خبر أو حادثة لا يعلمون بها قبل الجميع ، ما أسفر عن متلازمة فومو التي تعني رغبة الشخص ليكون في كل مكان بمنصات التواصل ، بالمشاركة والتفاعل مع المنشورات والتعليق عليها وغيرها ومتابعة الجميع لمعرفة تفاصيل حياتهم .
ومن أهم أسباب الفومو هي أسباب موضوعية تجسدت في ظهور الهواتف النقالة واللوحات الرقمية وانحسار إستعمال التكنولوجيا البدائية لتحل محلها التكنولوجيا المتطورة والسهلة التصرف والإستعمال والمرافقة للفرد حيثما كان متواجداً .
وأسباب ذاتية تتعلق بفضول الإنسان والمتعلق بقلقه النفسي والإجتماعي والوظيفي ، فيكون الفضاء السيبراني بمثابة الملجأ الذي يتوق إليه الفرد وسط تزاحم حياتي عنيف علي النفس البشرية .
• أثر الإنترنت كسبب من أسباب الفومو :
يتعاظم تسلط الإنترنت بشكل أكبر من خلال الإدمان علي اللعب في فضائه ، فالإدمان علي الإنترنت يعرف بالإضطراب المرضي PİU والذي يمكن تعريفه حسب منظمة الصحة العالمية بأنه ذلك السلوك الذي يتبعه الفرد في ممارسة الألعاب الإلكترونية بشكل متكرر ومستمر إلي أن يصل إلي درجه الإفراط .
وتتنوع أنماط إدمان الألعاب علي الإنترنت وتتعدد ومن أهمها :
* إدمان اللعب التي إنتشرت علي الإنترنت بمختلف الفئات العمرية التي باتت صناعة رابحة وإحدي أكبر الصناعات في العالم .
* إدمان المقامرة علي الإنترنت ويطلق عليه ( اضطراب المقامر القهري ) ، حيث تؤدي ألعاب المقامرة إلي خسائر مالية وشخصية وصحية وإلي مشكلات في العلاقات مع الآخرين ، ويخوضونها في أماكن لا ضوابط أخلاقية فيها .
* إدمان مواقع الإباحة الجنسية التي يدمن عليها بشكل أساسي الأفراد متدنو الثقة بالنفس الذين يعانون من ضعف جنسي والإناث هن الأكثر عرضة للوقوع في فخ الدردشات القائمة علي الأحاديث الجنسية بالأخص في المجتمعات المنغلقة ، التي تكون سبباً في إعطاء المراهقات علي وجه الخصوصية تبريراً قوياً للهرب من جدران مغلقة بالواقع إلي جدران أكثر انغلاقاً في مواقع التواصل وعدم التمييز أو المقاربة بين الإنغلاقيين ، فالإنغلاق الثاني بنظرهن ليس كما هو في حقيقته ، بلي هو في عقولهن متسع من الحياة التي تضيق بهن .
وبالطبع تأثير كل ما سبق من إدمان علي الإنترنت أو مواقع التواصل الإجتماعي هو تأثير يندرج ضمن الإيجاب والسلب وغيرها وفق الآتي:
الإيجابي منها يركز علي اعتبار الإنترنت ووسائل التواصل الإجتماعي وسيلة تعليمية وترفيهية تغطي وقت فراغ الفرد وتنمي قدراته وتحفيز تركيزه ، في حين أن استخدامها المفرط يعد ذا أثر سلبي يؤدي إلي إستهلاك طاقة الجسد ويسبب خللاً بالصحة العقلية والنفسية للفرد .
علم
النفس السيبراني قائم بحد ذاته ويتم العمل علي تطوير أدواته ليستطيع تجاوز
الكثير من الأمراض الناجمة عن الغوص في عالم الإنترنت الواسع ، وأهم تلك
الأمراض هو الإكتئاب وإضطرابات القلق والسلوك الإدماني .
إرسال تعليق