سر الدمى الجنسية عند الصينييون وفيما تستخدم
برزت الصين خلال السنوات الأخيرة بإعتبارها المصدر الرئيسي للدمى الجنسية في العالم وتشير أرقام حديثة إلى أن بلاد التنين إستأثرت بنحو 80 % من إجمالي صادرات الدمى الجنسية في العالم خلال العام الماضي وتضم الصين أكثر من ألف مصنع للدمى الجنسية في أنحاء البلاد ويعمل في هذه المصانع نحو مليون ونصف المليون عامل كما تقدر إيرادات هذه الصناعة بحوالي ملياري دولار سنويا وتعتبر الولايات المتحدة أكثر الدول إستيراداً لهذه الدمى بنسبة 50 % يليها كل من جنوب أفريقيا وروسيا وكوريا الجنوبية بنسبة 20 % ، فما سبب هذا الإهتمام الكبير بصناعة تلك الدمى وفيما تستخدم ؟!
الدمى الجنسية الصينية |
لمئات السنين وحتى بدايات القرن العشرين كانت النساء الصينيات تحصلن على المشورة الطبية بطريقة
غريبة نوعاً ما ، في تلك الفترة كان الصينيون يهتمون كثيراً بالإحتشام ولا زالت الكثير من الحضارات والثقافات تفعل ذلك أي يتوجب على المرأة ألا تظهر الكثير من جسدها للرجال بإستثناء زوجها طبعاً.كان أغلب الأطباء من الرجال وإذا لم يستطع الطبيب رؤية جسم المريضة وفحصه فلن يستطيع تشخيص المرض لذا كان لابد من إيجاد حل لتلك المشكلة.
لذلك إحتفظ الأطباء الصينيون في مكاتبهم بدمى صغيرة مصنوعة من العاج على شكل إمرأة فى وضعية الإستلقاء فكانت النساء مثلا يجلسن أو يقفن خلف ستار أو جدار من الخيزران ويخرجن أيديهن من نافذة صغيرة كي يفحص الطبيب النبض ، وأما الدمية فكانت وظيفتها أن تشير المريضة إلى المناطق التي تؤلمها لكن على جسد الدمية وليس جسدها وبناء على ذلك وعلى قياس النبض والأسئلة التي قد يطرحها الطبيب على المريضة، هكذا كانت النساء في الصين تحصل على التشخيص الطبي والعلاج.
وعن تلك الدمى فغالباً ما كان طولها يتراوح بين 7 إلى 15 سم وتكون على هيئة إمرأة بدون ملابس لكنها قد تلبس بعض القطع من المجوهرات أو ربما حذاء ما، تكون الدمية مستلقية ومسندة رأسها بيدها وفي بعض الأحيان كانت الدمية تملك وشاحا لتغطية المناطق الحساسة من جسدها.
إمتلكت بعض نساء الطبقة الراقية تلك الدمى أيضاً لكى لا تذهبن إلى الطبيب وإرسال الخادمة ومعها الدمية كي تشير إلى مكان الألم ، ويبدو أيضاً أن الكثير من تلك الدمى صمم وفق الطلب فهناك إختلافات في الأحجام والقياسات وذلك كي تلائم الدمية صاحبتها بشكل أدق.
بدأت تلك الممارسة في القرن الخامس عشر خلال فترة حكم (مينغ) وإستمرت حتى نهاية سلالة (تشينغ) في الأعوام الأولى من القرن العشرين.
من المحتمل أن تعثر على هذه الدمى إذا زرت القرى البعيدة عن تأثير الحضارة والحداثة فربما لا يزال الناس هناك يستخدمونها.
وتتميز الشركات الصينية عن غيرها من الشركات المصنعة للدمى الجنسية بإستخدام الذكاء الإصطناعي لإنتاج دمى تحاكي خصائص الإنسان وحركاته المعقدة مثل تعبيرات الوجه وإصدار الأصوات وتحريك الأطراف بالإضافة إلى إستخدام المطاط الحراري المصنوع من مادة السيليكون والشعر الحقيقي بإختلاف أنواعه بدلاً من الشعر المستعار فضلاً عن تمايز لون البشرة والعينين وفق تفضيلات العملاء كما يصل سعر الدمية الواحدة إلى 2500 دولار وتباع على منصات التجارة الإلكترونية الصينية وتلقى رواجاً كبيراً حيث يمكن بيعها بصورة كاملة أو عبر قطع مستقلة يمكن تجميعها وتركيبها وهي عادة ما تكون مصحوبة بضمان من الشركة المصنعة لإجراء صيانة مجانية لمدة عام كامل.
كما أدت سياسة الطفل الواحد التي فرضت في سبيعنيات القرن الماضي بالصين وإستمرت لمدة ثلاثة عقود إلى حدوث فجوة كبيرة بين الجنسين وذلك بسبب الثقافة التقليدية السائدة في البلاد بتفضيل الذكور على الإناث، وهو ما أدى إلى نقص في عدد الإناث مقابل الذكور بعشرات الملايين حيث يولد في الصين ما يقرب من 116 ذكر مقابل 100 أنثى وهي نسبة أعلى بكثير من المتوسط العالمي.
وساهم ذلك في تفاقم ظاهرة العنوسة داخل المجتمع الصيني حيث بلغت نسبة العنوسة في البلاد وفق الأرقام الصادرة عن وزارة الشؤون المدنية 76 % في عام 2017 وقد كان ذلك العامل الأبرز في توجه نسبة كبيرة من الشباب نحو إقتناء أو إستئجار دمى جنسية حيث أن الكثير منهم يجدون صعوبة في العثور على صديقة أو زوجة.
لم يشعر الصينيون بالخجل من الإقتران بدمية فقد أنشأ أحد الشباب منصة إلكترونية خاصة تجمع الشباب الذين أقدموا على هذه الخطوة وقد أطلق عليها "عشاق الدمى" وقد تجاوز عدد الأعضاء 2000 عضو وينشر الشباب على المنصة صور لهم مع الدمى ومقاطع فيديو تظهر مدى سعادتهم في إيجاد شريك حياة لهم ، ونشر شاب صور من حفل زفافه من دمية جنسية أقامه بحضور أفراد من عائلته وأصدقائه وأرفق مع الصور مقالا طويلا يتحدث فيه عن علاقته بزوجته الدمية وكيف أثرت في حياته وجعلته أكثر إقبالا على الحياة بينما قام آخر بإنشاء صفحة خاصة على موقع "ويبو" المعادل الصيني لـ"تويتر" لصديقته الدمية يعرض فيها صور لأزيائها وملابسها وتسريحات شعرها وتحظى الصفحة بمتابعة عشرات الآلاف من الصينيين.
هذا ويرى مراقبون أن الإصلاحات الإقتصادية التي شهدتها الصين خلال العقود الماضية جلبت إلى المجتمع الشيوعي المزيد من الحرية الجنسية وتوقعوا أن تزدهر صناعة الجنس في البلاد في ظل إختلال التوازن بين الجنسين بينما يعتقد آخرون أن المسألة لا تعدو كونها ظاهرة إجتماعية مصيرها التراجع والإختفاء بإعتبار أن النظام الشيوعي الصيني لا يعترف بهذا النوع من العلاقات بين الإنسان والروبوت.
إرسال تعليق