-->

من هو خالد صفوان الحقيقي .. الشخصية الأسطورية .. كان يتفنن في تعذيب المساجين ومات باسياخ الحديد


 قصة «خالد صفوان» الحقيقي: كان ينفخ معدة المعتقل بالهواء ومات في حادث بأسياخ الحديد


مقدمة

الكاتب الراحل نجيب محفوظ الحائز على جائزة نوبل استوحي فكرة فيلم "الكرنك" من شخصيته  وهو الفيلم الذي قام ببطولته نور الشريف و سعاد حسني وعدد كبير من النجوم  .

انا الدولة و انا القانون

لم ينجو منه أحد من الذين تم اعتقالهم في السجن الحربي، ترتعد فرائصهم بمجرد سماعهم لاسمه خشية ما سيحدث لهم عند وقوعهم بين يديه، فهو الذي كان يبتكر طرق جديدة في تعذيبهم ويستمتع بها ، بجانب إهاناته لهم بدرجة قصوي وصلت إلى حد قوله: «أنا الدولة والقاضي والجلاد..  والقانون انا ، بل وقال أنا الذي لا الذي لا استلم اي مسجون بإيصال.. ولا يعلم أحد كم عددهم عندي».

الحقبة الناصرية

ظل اسم اللواء حمزة البسيوني مصدر خوف وهلع لأي مسجون سياسي او تم اعتقاله  معتقل وذلك خلال الحقبة الناصرية في فترة حكم الرئيس الراحل جمال عبدالناصر، وأطلق عليه الكثيرون ألقاب كثيرة مثل لقب «الجلاد».

شهادة الكاتب صلاح عيسي

يذكر  أن اللواء حمزة البسيوني أصبح قائدًا للسجن الحربي بعد فترة قصيرة من ثورة 23 يوليو سنة 1952 وذلك حسب رواية الكاتب الصحفي الشهير صلاح عيسي في مقال له منذ فترة  بصحيفة «البيان الإماراتية»، .

قائد السجن الحربي

اللواء « حمزة البسيوني» يعتبر هو أول من فتح أبواب السجن الحربي للمعتقلين السياسيين والمدنيين، بعد أن كانت زنازينه مقتصرة على استقبال ضباط القوات المسلحة المخالفين لقوانين الجيش فقط.

ليس شخص طبيعي

خلال الفترة التي قضاها صلاح عيسى بسجن القلعة عام 1966، استمع من الذين رافقوه عن قصص عدة بخصوص تعذيبهم في السجن الحربي، حتى إنه اعتبر الوضع هناك أسوأ مما هو داخل سجن ليمان طرة، حسب وصفه، ومن هذه الشهادات تكونت في ذهنه صورة عن اللواء «البسيوني» تتمثل في كونه ليس شخص طبيعي بل  «حيوانًا أسطوريًا مخيفًا قبيح الصورة، بارز الأنياب، طويل المخالب»، حسب تعبيره .


رواية الكاتب الصحفي مصطفي عبيد

ووفق ما ذكره مصطفى عبيد في دراسته المنشورة بصحيفة «الوفد»، استطاع اللواء «البسيوني» ان يبتكر  طرق في التعذيب، منها دهن الجسد بالزيت حتى تكون ضربات السياط والكرابيج  أكثر ألمًا، وتعليق المسجون من بنطلونه  من السقف حتى يكون مقلوبًا لساعات، كذلك استخدامه المنفاخ لملء معدة المعتقل بالهواء، بجانب وضع ألواح بها مسامير لإجبار الفرد على المشي عليها.

شهادة الكاتب مصطفي امين

يقول الكاتب  الراحل مصطفى أمين، وفق ما نقله «عبيد» بدراسته، أن الكلاب كانت تستعمل بكثره للتعذيب، ويحكي عن نفسه أنه فور دخوله المعتقل التف حوله كلبان اسمهما «ميمي وليلى»، قبل أن يتعرض لواحد أشرس يُدعى «لاكي»، وهو المشهور بضخامته داخل السجن.


وشهد «أمين» بأن الكلاب كانت بمثابة «أمراء» داخل مملكة حمزة البسيوني، ولها كلمة عليا قبل السجانين أنفسهم، لدرجة عدم تناول الضباط الطعام إلا بعد انتهاء الكلاب من وجباتها.


وحسب ما ورد ذكره بصفحة علي ابواب المحروسة في الفيس كان  «البسيوني» يقول للمعتقلين: «أستطيع أن أقتل منكم كل يوم مائة كلب ولا يحاسبني أحد»، ورد على أحد المسجونين أثناء دعائه تحت وطأة التعذيب بقوله: «ربنا في الزنزانة اللي جنبك».

فيلم الكرنك مأخوذ من قصته

واستوحى الأديب الراحل نجيب محفوظ فكرة رواية «الكرنك» منه، تحديدًا شخصية «خالد صفوان» التي لعبها كمال الشناوي، بعد أن شاهده خلال جلوسه بأحد مقاهي العباسية في ستينيات القرن الماضي، حسب رواية «عبيد»، وقتها ذُهل «محفوظ» من هرولة العاملين لإحضار الشيشة لهذه الشخصية، وفور أن علم بأنه مدير السجن الحربي المشهور بشراسته أصيب بدهشة شديدة، لكون ملامحه لا تدل عن المساوئ التي يسمعها بحقه.

نهايته عقب نكسة 67

هذه الأسطورة انتهت في أعقاب هزيمة 5 يونيو 1967، حينما صدر قرار بإحالة «البسيوني» على المعاش، كذلك ألقت السلطات القبض عليه للتحقيق معه فيما يخص انحرافاته.

دخوله السجن 

وللمصادفة دخل «البسيوني» سجن القلعة الذي كان صلاح عيسى نزيلًا فيه، وظنه الكاتب أن والده لحق به في المحبس نظرًا لتشابه ملامحهما، لكن بمرور الوقت لاحظه يمر من أمام زنزانته بشكل يومي.


عندما رآه صلاح عيسى لم يكن على علم بأنه الجلاد الشهير، خاصةً أنه كان يتعرض لإهانات من السجانين كأمرهم له بالمشي بطريقة أسرع، والالتزام بالتعليمات دون أي انحراف، وهو ما كان يقبله دون أي تذمر.


وجه الشبه بين والد صلاح عيسى وحمزة البسيوني دفع الكاتب لأن يحبه لهذا السبب، كذلك لاتسام وجه مدير السجن الحربي السابق بعلامات البراءة والطفولة، حسب تعبيره.

امشي من سكات

في أحد الأيام التي سار فيها «البسيوني» بممر السجن، نظر لصلاح عيسى الذي أوقفه، وقتها عرّف نفسه قائلًا: «أنا حمزة البسيوني»، ليصاب الآخر بذهول شديد لثوانٍ قليلة قطعها صوت السجان وهو يصيح: «وبعدين.. امشي من سكات».

عامان خلف القضبان 

قضى «البسيوني» عامين داخل السجن وخرج، وفق ما ذكره مصطفى عبيد، ليعيش بعد الإفراج عنه بعيدًا عن الأضواء.

وفاته .. ونهاية مٱساوية 

 وفي اول أيام عيد الفطر الموافق يوم19 نوفمبر 1971، استقل اللواء « حمزة البسيوني» سيارته متوجهًا الي القاهرة من الإسكندرية ، وخلال سيره على الطريق اصطدم بعربة نقل محملة بأسياخ حديد البناء ليموت على الفور، وعثر المسعفون على جثته وهي مشوّهة بشكل غريب، كما وجدوا شقيقه بجواره متوفَّى كذلك.